الجمعة، 15 فبراير 2019

العلاقات الداخلية والخارجية للإتصال الاداري ودورها في بناء الصورة الذهنية للمؤسسات إعداد : د. مصطفى حامد موسى

مقدمة :
العلاقات العامة هي الجهاز الذي يربط المؤسسة بجمهورها الداخلي والخارجي – كما هي وظيفة –ووبطبيعة الحال للاتصال دور كبير في زيادة فعالية هذا الجهاز فقد ازداد الطلب في الآونة الأخيرة على تطوير أقسام العلاقات العامة وسبب الإقبال على هذا الفرع من فروع الإدارة هو الدور الذي يلعبه هذا الجهاز وأهميته لكل مؤسسة حيث يقوم بنقل صورة للأنشطة والخدمات التي تقدمها للجمهور وتقدير حاجة الجمهور للحصول على تلك المعلومات والتعامل مع هذه الحوجة بفاعلية تتضمن القدرة على الاتصال بقوة وإستمرار لبناء علاقة متوازنة ومستقرة تعكس صورة محبب لهذا الجمهور.
وللتذكير فان تعريف العلاقات العامة في قاموس اكسفورد هو: ((العلاقات العامة هي الفن القائم على أسس علمية لبحث انسب طرق التعامل الناجحة المتبادلة بين المنظمة وجمهورها الداخلي والخارجي لتحقيق أهدافها مع مراعاة القيم والمعايير الاجتماعية ((أما الجمعية الدولية للعلاقات العامة فعرفتها بأنها: ((وظيفة إدارية دائمة ومنظمة تحاول المؤسسة العامة أو الخاصة عن طريقها أن تحقق مع من تتعامل أو يمكن أن تتعامل معهم التفاهم والتأييد والمشاركة، وفي سبيل هذه الغاية على المؤسسة أن تستقصي رأي الجمهور إزاءها وان تكيف معه بقدر الإمكان سياستها وتصرفاتها وان تصل عن طريق تطبيقها لبرامج الأعلام الشامل إلى تعاون فعال يؤدي إلى تحقيق جميع المصالح المشتركة)).
هذه الوظيفة لا يمكن أن تحقق أهدافها بدون قيادة وتنظيم علاقة إتصال قوية بإستخدام أدوات فعالة تتناسب مع الجمهور المستهدف وتراعي خصائصه العمرية والثقافية والقيمة وتقاليده الاجتماعية ونظرته للأشياء مع الوضع في الإعتبار العلاقة بينه وبين المؤسسة البنية على المنفعة المشتركة win-win
و من هذا التعريفين السابقين يمكننا الخروج بالمخطط التالي الذي اقتبس منها لتوضيح أكثر ويعطينا صورة لتحويل هذه المفاهيم لاطار عمل تنفيذي قابل للتطبيق والتطوير :

البيئة الداخلية والخارجية الاتصال :
مما لا شك في أن بيئة العمل وبيئة التعامل تتم وفق اطار المحددات الانسانية أكثرها منها وفق المحددات التنظيمية والهيكلية التي تشكل المؤسسات . فالبيئة يشكلها الانسان ويعمل ضمن اطارها في تواصله مع الاخرين (جمهور متعاملين أو عمال داخليين) مما يعني بالضرورة تأثير الخصائص الإنسانية على عملية الاتصال الداخلي والخارجي، مع التطورات التي مرت بها الكيانات الانسانية صار كل إنسان يختزن داخل نفسه نظاماً متكاملاً شديد التعقيد من المعتقدات والرؤى والمشاعر والأفكار والطموحات الموروثة ممن سبقوه ومن بيئته، وأصبح من الضروري إذا أردنا التعامل والتواصل معه بفاعلية التعرف ومحاولة اكتشاف ما يحمله من مكنونات وذلك  نستطيع إقامة علاقات ناجحة معه.
فالسلوك الانساني يتمرد في كثير من الحالات على القوالب المعهودة، بل يحطمها لفرض اطاره الخاص، هذه الوضعية جعلت من عملية بناء علاقات عامة جيدة مع المكون البشري الداخلي (العاملين) والخارجي (المتعاملين – العملاء) تحدي كبير لابد من التاعمل معه بجدية.
في هذه البيئة أي إتصال يتم ترجمته ضمن اطار التمثيل الذاتي للأشخاص الذين يتلقون الرسائل التي نصممها للتأثير عليهم أو إقناعهم، فما نرمي اليه من أهداف لعملية الاتصال قد تعترضها بعض المشكلات مما يسبب تعقيداً كبيراً يربك جهاز العلاقات العامة غير المتمرس ويجعله في حيره.
إن الرسائل الإتصالية تتم بآليات ووسائل مكلفة للمؤسسات مثل الاعلانات الصحفية والتلفزيونية واللافتات والبرنامج الموجهة والمنشورات وغير ذلك مما يصعب من عملية إعادة انتاجها بصورة متكررة لا تتيحها الموازنات المحدودة، لذا فإدراك العناصر التي سبق وأن ذكرناها مؤثر على عملية نجاح الاتصال لخدمة أهداف منظومة العلاقات العامة .

فالتمثيل الداخلي للأفراد يعيد تشكيل رسائلنا ويحللها ويقوم باعادة صياغتها ليتقبلها وفق معطياته ممن يجعل الصورة التي نريد أن نرسمها للمؤسسة أو منتجاتها والخدمات التي تقدمها تخضع لشروط خاصة لابد من دراستها بعمق .
الصورة الذهنية وكيف نقوم بتشكيلها:
الصورة الذهنية هي ما يتشكل في ذهن الجمهور والعملاء عنك وعن الجهة التي تتبع لها، وتسهم هذه الصورة في مستويات الاستجابة التي نتلقاها من الجمهور والعملاء لأنها تحدد  المواقف المسبقة واللاحقة لهم قبل وأثناء وبعد عملية الاتصال ، وهي كذلك: "انطباع صورة الشيء في الذهن"، أو بتعبير أدق: "حضور صورة الشيء في الذهن"، ويعود مصطلح الصورة الذهنية في أصله اللاتيني إلى كلمة (IMAGE) المتصلة بالفعل (IMITARI)، "يحاكي" أو "يمثل"، وعلى الرغم من أن المعنى اللغوي للصورة الذهنية يدل على المحاكاة والتمثيل إلا أن معناها الذي أشار إليه معجم ويبستر هي : "تصور عقلي شائع بين أفراد جماعة معينة نحو شخص أو شيء معين"، وفي  المورد ترجمة تلك الكلمة بال"انطباع الذهني"، لكن هذا الانطباع ليس انعكاساً تاما وكاملا وإنما هو انعكاس جزئي، يشبه إلى حد كبير تلك الصورة المنعكسة في المرآة فهي ليست إلا الجزء المقابل للمرآة فقط أما الأجزاء الأخرى فلا تعكسها المرآة، وبالتالي فهو تصور محدود يحتفظ به الإنسان في ذهنه عن أمر ما، وهذا التصور يختزل تفاصيل كثيرة في مشهد واحد.
قد يقول رجل الأعمال "عندي منتج ممتاز يضاهي المستوى الدولي، لكني لا أزال غير قادر على اللحاق بالسوق"، وقد يقول مصرفي "خدماتنا ممتازة؛ لكن الناس يرون أننا لا نستحق الامتياز"، وقد يشعر فرد آخر بالقلق لأن مواهبه الرائعة لم يعترف بها.
القاسم المشترك بين هؤلاء أن كل شخص منهم يعرض تميزه بطريقته الخاصة، لكنهم ما زالوا يتطلعون إلى اعتراف الجمهور به، وهو ما يسمى في العلاقات العامة بالصورة الذهنية. إن من غير المعقول تشكيل انطباع غير مناسب عن أي مؤسسة ما لم تعتقد أنها مسؤولة عن ذلك الفعل، ويمكن أن تظهر المسؤولية في عدد من المظاهر منها؛ لوم المؤسسة على الأفعال التي أدتها، أو أمرت بها، أو سمحت بها أو سهلت أو شجعت على حدوثها أو قصرت في أدائها أو أدتها بشكل سيئ، فإذا لم تُلم المؤسسة - أو أن ما حدث لم يكن هجوما - فإن صورة المؤسسة عندئذ ليست مهددة، الشيء المهم هو استنكار الجمهور للفعل.
 المؤسسات في أغلب الأحيان تخاطب جماهير متعددة؛ فعلى سبيل المثال المؤسسة قد تقابل مواطنين محليين، ومنظمات حكومية، وأصحاب أسهم، وموظفين، وسياسيين، ومتبرعين، ومستفيدين من خدماتها، وكل جمهور له مصالح متنوعة فعلا، ومخاوف، وأهداف. وموظف العلاقات العامة يجب أن يحدد الجمهور الأكثر أهمية أو يرتب الجمهور حسب أهميته، على أن لا يهمل أي فئة.
مكونات الصورة الذهنية:
يشير "كينث بولدنج" في تعريفه للصورة الذهنية إلى أنها تتكون من تفاعل الإنسان مع كل من:
المكان الذي يعيش فيه، وموقعه في العالم الخارجي.
الزمان والمعلومات التاريخية للحضارة الإنسانية.
العلاقات الشخصية وروابط الأسرة والأصدقاء.
الأفعال المرتبطة بالطبيعة والخبرات المكتسبة حيالها.
الأحاسيس والمشاعر والانفعالات.


ويضيف "حسين محمد علي" عناصر أخرى مثل:
احتياجات الجماهير ومطالبهم واهتماماتهم وتطلعاتهم.
ردود أفعال الجمهور تجاه سلوك المؤسسة وأقوال المسؤولين فيها.
وعلى الرغم من أهمية العناصر التي أشار إليها "بولدنج" و"محمد حسين" إلا أنها ليست مكونات للصورة وإنما هي عوامل مؤثرة في رسم حدود الصورة وملامحها، أما مكوناتها فهي كل الأجزاء التي انعكست في ذهن الإنسان عن "الشيء"؛ فالصورة الذهنية للمؤسسة تشمل بعض أو كل العناصر التالية:
اسم المؤسسة وعلامتها التجارية أو شعارها .
 وموظفيها وقادتها وطريقة تصرفهم وسلوكياتهم .
 سلعها التي تنتجها، أو خدماتها التي تقدمها.
وفلسفتها، وسياستها، وقراراتها وتاريخها وإنجازاتها.
زي موظفيها ومواقعها وشكل المباني
 دورها في خدمة المجتمع ومساهماتها في الحياة العامة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
 وهي أيضا إخفاقاتها ومشكلاتها ونزاعاتها وآثارها السلبية على البيئة والإنسان.. إلخ.
وفي هذا الإطار يؤكد كلير أوستن على الانطباعات الأولى، ويرى أنها مهمة للغاية؛ لأن الجمهور يكون صورة فورية عن المؤسسة من خلال أول اتصال له بها، وقد يكون الاتصال عبر الهاتف، أو الزيارة الشخصية، أو شراء المنتج، أو استعمال الخدمة، ثم يطرح عددا من التساؤلات، ومنها: ما هي صورة موظفي المؤسسة؟ هل تعامل موظف الهاتف مع المتصل بشكل مهذب أم تركه ينتظر مدة طويلة على الهاتف، فيأخذ انطباعا بأن أحدا لا يأبه به؟ ماذا عن الموظفين الذين يقابلون العملاء؟ هل هم أداة دعائية للمؤسسة؟ هل لديهم أزياء موحدة سهلة التمييز؟ هل يفخرون بمظهرهم؟ ما شكل مكاتبهم؟ هل تخلو مواقف السيارات من البرك المائية والحفر؟ ماذا عن منتجاتك أو خدماتك؟ هل تلتزم بمواعيد التسليم؟ ما نسبة البضائع التي تعاد بسبب الخلل؟ كم عدد الزبائن الدائمين؟
أدوات تكوين وتشكيل الصورة الذهنية:
الكاميرا هي الأداة التي نلتقط بها الصور الفوتوغرافية أو صور الفيديو أو الصور الرقمية، ولكن الإنسان يلتقط الصور الذهنية بأداة خاصة تختلف كثيرا عن الكاميرا، إنها العلم بالصورة الحاضرة لدى الإنسان، فلولا إدراك الإنسان نفسه وحالاتها لما تمكن من إدراك أي شيءٍ آخر خارجاً عنها، فلما كان الإنسان يعرف - بالعلم الحضوري - نفسه والصور التي تنعكس فيها تمكن من معرفة الحقائق العينية والأشياء الخارجية، وإدراك الإنسان لنفسه وما حوله ينتقل - بمساعدة الدماغ - عن طريق الحواس الخمس البصر والسمع واللمس والشم والذوق.
ويرى ناير شاندو Chandu Nair، أن الصورة الذهنية عن المؤسسة تتكون من المعلومات التي يحصل عليها الإنسان حول المؤسسة من المصادر الخارجية وتجاربه وتصوراته، ومعارفه، وقيمه، إلخ، وبناء على ذلك فالصورة نوعان؛ النوع الأول: الصورة المستندة على التجربة، والنوع الثاني الصورة المستندة على ما يقوله الناس، وأتوقع أن يكون النوع الثاني أكثر سطحية من النوع الأول.
وكلما استطاعت العلاقات العامة في المؤسسات الخيرية توظيف وسائل المعرفة لدى الناس في رسم الصورة الذهنية للمؤسسة التي ينتسبون إليها، استطاعوا رسم صورة أكثر وضوحا وذات زوايا متعددة، ويمكن نقل المعلومات للجمهور عبر وسائل الإعلام - العامة أو الخاصة بالمؤسسة - أو الاتصال المباشر؛ من خلال الزيارة لمقر المؤسسة أو معارضها، أو تمكينه من استعمال السلعة أو الاستفادة من الخدمة.
خطوات بناء الصورة الذهنية:
بناء الصور لم يكن سهلا في الماضي ولن يكون سهلا في المستقبل، ولذلك فإن السؤال الأول الذي يجب أن يجيب عنه ممارسو العلاقات العامة هو، ما الصورة الحالية للمؤسسة؟ وكيف ينظر إليها المساهمون أو المتعاملون معها؟ ولن يتمكن هؤلاء الممارسون من الإجابة الصحيحة والدقيقة دون إجراء البحوث والدراسات العلمية.
ففي الوقت الذي يرانا فيه الآخرون من المهم رؤية أنفسنا، يجب أن يكون الاتصال أو العلاقات العامة في المؤسسة الخيرية قادرا على تقييم الإدارة وقادرا على إخبار قادتها بالمشكلات التي تواجههم، وإذا لم يكن قادرا على الإخبار بهذا، فعليه أن يطلب استشارة خارجية.
إن معرفة النفس هي أهم المعارف، إذ بها تعرف الأشياء الأخرى، وكلما توسع الإنسان في معرفة نفسه وتعمق فيها، اتسع علمه بما حوله وتمكن من إدراك الحقائق كما هي، ومن لم يعرف نفسه حق المعرفة فسوف يعيش أوهاماً يظنها حقائق، فيقيمها تقييماً أعلى من مستواها.
فقد ترغب إحدى المؤسسات أن ينظر إليها موظفوها على أنها "مهتمة بهم"، ولكن عندما "تقوم الصورة" تكتشف أن الموظفين لم يشعروا بهذا الاهتمام، وربما سعت مؤسسة أخرى للظهور أمام المتبرعين على أنها "سريعة الوصول والاستجابة" إليهم، لكن تقييم الصورة قد يظهرها بشكل مختلف؛ بسبب بعض الإجراءات الإدارية، التي لم تأخذها الإدارة بجدية.
إن الإدارة المتعقلة "الحذرة" قد تسجل بعض الانطباعات المباشرة، وتتخذ محاولات فورية لتكون في الوضع الصحيح، وهذا سيحسن العلاقة للأفضل بين الموظفين والإدارة، ويحسن الكفاءة في بعض المستويات المختلفة.
قبل الاتصال بالجمهور الداخلي يجب التعرف على الأشياء التي يفكر فيها هؤلاء بشأن المؤسسة؛ فقد يكون هناك استياء واسع الانتشار بين موظفي المؤسسة، فإذا نسبت الإدارة هذا الاستياء إلى الأجور، فربما سعت إلى معالجة هذا الاستياء من خلال زيادة الأجور، ولكن هذه الزيادة يمكن أن ترفع تكاليف المؤسسة دون أن يكون لها أثر إيجابي في حل المشكلة؛ لأن المشكلة ربما تعود إلى عوامل أخرى مثل الشعور بعدم الإنصاف من قبل صانعي القرار في المؤسسة، أو قلة الوعي بالعمل المستهدف، وتصورات الأعضاء الخاصة حول منظمتهم يمكن أن تكون دليلاً مهما للأعمال التي يجب القيام بها في ذلك الاتصال.
بعد تحديد الصورة الحالية بشكل واضح، من خلال التقييم الواقعي، يمكن أن نتصور الصورة المطلوبة، على أن نعيد تقييم تأثير أدوات الاتصال؛ بحيث نستبدل وسائل الاتصال التقليدية بوسائل أكثر تطوراً وأكثر تعرضاً من قبل الجمهور المستهدف، وخاصة تلك الوسائل التفاعلية مثل الإنترنت (لجمهور محدد).
وعلى الرغم من أهمية وسائل الاتصال الحديثة إلا أن أثرها محدود، إن لم تصبح المؤسسة "مستمعة"، قادرة على تفهم الرأي العام والتفاعل معه والرد عليه، وإن لم يتمتع موظفو العلاقات العامة بالشجاعة والأمانة والقدرة على تمييز التخيلات والظنون من القضايا الرئيسة.
 يؤكد خبراء الإدارة على أن الذي ينظر إلى المستقبل سيصرف أموالا أكثر للحصول على المعلومات من داخل المؤسسة وخارجها، والمنظمات الناجحة هي المنظمات "المستمعة" التي تغير تصوراتها عن الجمهور، و تحاول في الوقت نفسه إدارة أصول الإدراك الحسي والمعاني "الصورة" عند الناس، والهدف الرئيس للصورة هو "التميز" في كل شيء على المؤسسات المشابهة الأخرى.
استراتيجيات إعادة بناء الصورة "تحسين الصورة الذهنية":
استراتيجية التكذيب:
الاتجاه العام لتصحيح الصورة هو التكذيب في شكلين مختلفين: الشكل الأول أن تنكر المؤسسة حدوث الفعل، أو إنجازه، أو تنفي وقوع الضرر على أحد. الشكل الثاني للتكذيب هو تحويل اللوم إلى الآخرين؛ حيث تحاول المؤسسة أن تظهر أن شخصاً آخر أو مؤسسة أخرى في الحقيقة المسؤول عن الفعل السيء.
استراتيجية التهرب من المسؤولية:
استراتيجية التهرب من المسؤولية هذه لها أربعة أشكال:
الشكل الأول: يمكن أن تقول المؤسسة أن فعلها كان مجرد رد فعل لهجوم آخر، وأن السلوك يمكن أن ينظر إليه على أنه رد فعل معقول لذلك الاستفزاز.
الشكل الثاني: النقض أو الإبطال، بحيث تزعم المؤسسة نقص المعلومات حول الحالة أو نقص السيطرة على عناصرها المهمة؛ فالمدير التنفيذي المشغول الذي تغيب عن اجتماع مهم يمكن أن يدعي "بأنني لم أخبر أبداً أن الاجتماع قدم إلى اليوم." إذا كان صحيحا، فقلة المعلومات عذر مقبول للغياب.
الشكل الثالث: أن تدعي المؤسسة أن العمل السيء حدث بالصدفة، فإذا استطاعت أن تقنع الجمهور أن الفعل حدث من غير قصد، فعليها أن تتحمل أقل مسؤولية، وأن تخفض الضرر الذي لحق بصورة المؤسسة.
الشكل الرابع: أن تشير المؤسسة إلى أن السلوك السيء حصل بنية طيبة.
3.استراتيجية تخفيض درجة الهجوم:
المؤسسة التي تتهم بالأعمال الخاطئة يمكن أن تخفض درجة الهجوم المحسوسة لذلك الفعل، وهذه الاستراتيجية لها ستة أشكال.
الشكل الأول: محاولة تخفيف الضغط على المؤسسة من خلال تقوية مشاعر الجمهور الإيجابية تجاهها، لتتوازن مع المشاعر السلبية المرتبطة بالفعل الخاطئ؛ فالمؤسسة قد تصف خصائصها أو أفعالها الإيجابية التي عملتها في الماضي.
الشكل الثاني: محاولة تقليل المشاعر السلبية المرتبطة بالفعل الخاطئ.
الشكل الثالث: استخدام التفاضل، بحيث تبرز المؤسسة فعلاً مشابها للعمل الهجومي، لكنه متميز عنه، حتى يبدو العمل السيء أقل بكثير مما تصوره المهاجمون.
الشكل الرابع لتخفيض درجة الهجوم هو التفوق والتسامي، بحيث تحاول المؤسسة أن تضع الفعل في سياق أكثر مناسبة؛ فالمؤسسة التي تجرب على الحيوانات يمكن أن تدعي أن المنافع للبشر من مثل هذا البحث أكثر من الأضرار بالنسبة للحيوانات.
الشكل الخامس: المتهمون بسوء العمل قد يقررون مهاجمة متهميهم.
الشكل السادس: التعويض إذا كان مقبولا للضحية، فإن صورة المؤسسة ستتحسن.
4.استراتيجية إجراء التصحيح:
قد تعد المؤسسة بتصحيح المشكلة، وهذا الإجراء يمكن أن يأخذ شكل إعادة الحالة الموجودة قبل العمل السيء، والوعد بمنع تكرار هذا الفعل مرة أخرى.
5.استراتيجية الاعتراف بالذنب:
الاستراتيجية العامة الأخيرة لإعادة الصورة هي الاعتراف بالخطأ، واستجداء العفو، إلا أن العائق المحتمل لهذه الاستراتيجية هو أنها قد تغري الضحايا بإقامة الدعاوى ضد المؤسسة.
استراتيجية الصمت:
الصمت أو التجاهل يمثل استراتيجية للتعامل مع الهجوم على المؤسسة، خاصة إذا كان مستوى الهجوم ضعيفا، والوسيلة المستعملة في الهجوم ليس لها انتشار واسع، ويدعي الخبراء أن هذه الاستراتيجية قد تدل على الاستسلام، والتخلي عن السيطرة على الموقف. وهذه الاستراتيجية قد تحدث شكوكا أو تزيد الشكوك الحالية والحيرة، وتعتبر قضية العلاقات العامة التي تعزز انطباعات الجمهور السلبية.
في الختام لا بد لنا من مراعاة أن للصورة الذهنية خصائص متعددة أهمها :
١ - عدم الدقة: ولعل مرجع ذلك أساسًا هو أنها لا تعبر بالضرورة عن الواقع الكلي، ولكنها تعبر في معظم الأحيان عن جزئية من الواقع الكلي، لاسيما وأن الأفراد عادة يلجئون إلى تكوين فكرة شاملة عن الآخرين من خلال معلومات قليلة يحصلون عليها لعدم القدرة على جمع المعلومات الكاملة ٠
٢ - مقاومة التغيير: فالصورة الذهنية تميل إلى الثبات ومقاومة التغيير، وتتعدد العوامل التي تحدد وتؤثر في كمية وكيفية التغيير المحتمل في الصورة الذهنية خاصة المصادر الخارجية.
٣ -التعميم وتجاهل الفروق الفردية: تقوم الصورة الذهنية على التعميم المبالغ فيه، ونظرًا لذلك فالأفراد يفترضون بطريقة آلية أن كل فرد من أفراد الجماعة موضوع الصورة تنطبق عليه صورة الجماعة ككل على الرغم من وجود اختلافات وفروق فردية ٠
٤ - التنبؤ بالمستقبل: تسهم الصور الذهنية في التنبؤ بالسلوك والتصرفات المستقبلية للجمهور تجاه المواقف والقضايا والأزمات المختلفة، فالصورة الذهنية المنطبعة لدى الأفراد باعتبارها انطباعات واتجاهات لدى الأفراد يُمكن أن تُنَبئ بالسلوكيات التي قد تصدر عن الجماهير مستقبلاً.
٦ - تخطي حدود الزمان والمكان: تتسم الصورة الذهنية بتخطيها لحدود الزمان والمكان، فالفرد لا يقف في تكوينه لصوره الذهنية عند حدود معينة بل يتخطاها ليكون صورًا جديدة وتعدده وعام بناءاً
خاتمة :
من السرد الفائت يتبين لنا أهمية الصورة الذهنية التي تحدد بصورة أو بأخرى كيف ينظر الناس للمؤسسة، وهذه النظرة تؤثر بدورها في قبول عملائنا الداخليين والخارجيين بما تقدمه ونرسمه لهم من خطوطو يرونها ضمن نطاقات رؤية خاصة بهم تحتم علينا العمل جاهدين للتعامل الايجابي والعملي معها .

والله ولي التوفيق
مراجع :
د. فهد بن عبدالعزيز العسكر. الصورة الذهنية: محاولة لفهم واقع الناس والأشياء. دار طويق للنشر والتوزيع. الرياض 1414هـ
كلير أوستن. العلاقات العامة الناجحة. ترجمة مركز التعريب والترجمة. الدار العربية للعلوم. 1419هـ
د. عبدالله بن محمد آل تويم. نشاطات العلاقات العامة في المؤسسات الإسلامية الدولية العاملة في المملكة العربية السعودية. رسالة ماجستير غير منشورة 1417هـ.
John Allert. Public Relations Strategy and Planning - Case Study Analyses.  www.piar-az.com/arasdirmalar/PRStrategy.doc
Lisa Lyon and Glen T. Cameron, An Experimental Test of Prior Reputation and Response Style in the Face of Negative News Coverage.
William L. Benoit. Image repair discourse and crisis communication. Public Relations Review, Summer 1997 v23 n2 p177 In: www.ou.edu/deptcomm/dodjcc/groups/98A1/Benoit.htm
www.prpoint.com/articles.html