السبت، 6 يناير 2018

حول الصورة الذهنية د. مصطفى حامد موسى

بناء الصور لم يكن سهلا في الماضي ولن يكون سهلا في المستقبل، ولذلك فإن السؤال الأول الذي يجب أن يجيب
عنه ممارسو العلاقات العامة هو، ما الصورة الحالية للمؤسسة؟ وكيف ينظر إليها المساهمون أو المتعاملون معها؟ ولن يتمكن هؤلاء الممارسون من الإجابة الصحيحة والدقيقة دون إجراء البحوث والدراسات العلمية.
ففي الوقت الذي يرانا فيه الآخرون من المهم رؤية أنفسنا، يجب أن يكون الاتصال أو العلاقات العامة في المؤسسة الخيرية قادرا على تقييم الإدارة وقادرا على إخبار قادتها بالمشكلات التي تواجههم، وإذا لم يكن قادرا على الإخبار بهذا، فعليه أن يطلب استشارة خارجية.
إن معرفة النفس هي أهم المعارف، إذ بها تعرف الأشياء الأخرى، وكلما توسع الإنسان في معرفة نفسه وتعمق فيها، اتسع علمه بما حوله وتمكن من إدراك الحقائق كما هي، ومن لم يعرف نفسه حق المعرفة فسوف يعيش أوهاماً يظنها حقائق، فيقيمها تقييماً أعلى من مستواها.
فقد ترغب إحدى المؤسسات أن ينظر إليها موظفوها على أنها "مهتمة بهم"، ولكن عندما "تقوم الصورة" تكتشف أن الموظفين لم يشعروا بهذا الاهتمام، وربما سعت مؤسسة أخرى للظهور أمام المتبرعين على أنها "سريعة الوصول والاستجابة" إليهم، لكن تقييم الصورة قد يظهرها بشكل مختلف؛ بسبب بعض الإجراءات الإدارية، التي لم تأخذها الإدارة بجدية.
إن الإدارة المتعقلة "الحذرة" قد تسجل بعض الانطباعات المباشرة، وتتخذ محاولات فورية لتكون في الوضع الصحيح، وهذا سيحسن العلاقة للأفضل بين الموظفين والإدارة، ويحسن الكفاءة في بعض المستويات المختلفة.
قبل الاتصال بالجمهور الداخلي يجب التعرف على الأشياء التي يفكر فيها هؤلاء بشأن المؤسسة؛ فقد يكون هناك استياء واسع الانتشار بين موظفي المؤسسة، فإذا نسبت الإدارة هذا الاستياء إلى الأجور، فربما سعت إلى معالجة هذا الاستياء من خلال زيادة الأجور، ولكن هذه الزيادة يمكن أن ترفع تكاليف المؤسسة دون أن يكون لها أثر إيجابي في حل المشكلة؛ لأن المشكلة ربما تعود إلى عوامل أخرى مثل الشعور بعدم الإنصاف من قبل صانعي القرار في المؤسسة، أو قلة الوعي بالعمل المستهدف، وتصورات الأعضاء الخاصة حول منظمتهم يمكن أن تكون دليلاً مهما للأعمال التي يجب القيام بها في ذلك الاتصال.
بعد تحديد الصورة الحالية بشكل واضح، من خلال التقييم الواقعي، يمكن أن نتصور الصورة المطلوبة، على أن نعيد تقييم تأثير أدوات الاتصال؛ بحيث نستبدل وسائل الاتصال التقليدية بوسائل أكثر تطوراً وأكثر تعرضاً من قبل الجمهور المستهدف، وخاصة تلك الوسائل التفاعلية مثل الإنترنت (لجمهور محدد).
وعلى الرغم من أهمية وسائل الاتصال الحديثة إلا أن أثرها محدود، إن لم تصبح المؤسسة "مستمعة"، قادرة على تفهم الرأي العام والتفاعل معه والرد عليه، وإن لم يتمتع موظفو العلاقات العامة بالشجاعة والأمانة والقدرة على تمييز التخيلات والظنون من القضايا الرئيسة.

 يؤكد خبراء الإدارة على أن الذي ينظر إلى المستقبل سيصرف أموالا أكثر للحصول على المعلومات من داخل المؤسسة وخارجها، والمنظمات الناجحة هي المنظمات "المستمعة" التي تغير تصوراتها عن الجمهور، و تحاول في الوقت نفسه إدارة أصول الإدراك الحسي والمعاني "الصورة" عند الناس، والهدف الرئيس للصورة هو "التميز" في كل شيء على المؤسسات المشابهة الأخرى.

القيادة النقابية ودورها في ادارة التغيير الاستراتيجي اعداد : د. مصطفى حامد موسى – خبير إداري

تمهيد : القيادة تتميز بأدوار متعددة ومتنوعة لا وتتطور بتطور المتغيرات المصاحبة للاعمال التي تؤديه
ا ومن الادوات المهمة للقيادة القدورة على التخطيط وإدارة التغيير بفاعلية عالية لتحقيق أهداف بعيدة المدى للمؤسسات، اليوم نربط بين هذه العناصر في اطار سعينا لتطوير مفاهيم القيادة النقابية ضمن هذا الملتقى .
التخطيط الاسترتيجي كأداة تغيير : إن الاداة الاقوي في إحداث التغيير هي التخطيط الاستراتيجي، لأن المقامة للتغيير النتاجة عن خطة طويلة المدى أقل من التغيير الكبير في مدى زمني قصير . الا أن ذلك مرتبط بعدد من العناصر التي تشكل مجمل عملية التغيير في المؤسسات وأهدافها وأبعاده والمراحل التي يمر بها والتي سنستعرضها لاحقاً .
1.    أهداف التغيير:
يهدف التغيير المنظم إلى تحقيق عدد من الأهداف _ خاصة على المستويات الاستراتيجية _ من أهمها ما يلي:
                                       ‌أ.     إيجاد أوضاع تنظيمية أكثر كفاءة وفعالية في المنظمة.
                                    ‌ب.  حل بعض المشكلات التنظيمية أو الإجرائية.
                                     ‌ج.   تطوير مستوى الخدمات التي تقدمها المنظمة وزيادة العناية بالمستفيدين منها.
                                      ‌د.    إدخال تقنية جديدة أو أساليب إدارية حديثة لتسهيل أداء المنظمة لأعمالها.
                                     ‌ه.   إيجاد توافق كبير بين وضع المنظمة والظروف البيئة العالمية أو المحلية المحيطة.
                                       ‌و.  معالجة أوضاع العاملين وزيادة الاهتمام بهم للرفع من كفاءة أدائهم.
                                      ‌ز.  المواكبة .
2.    أبعاد التغيير:
        ‌أ.     إن يقرر المخطط الاستراتيجي ما إذا كان يجب أن يكون التغيير سريعاً أو بطيئاً وذلك وفقاً للظروف التي يعيشها التنظيم والحاجة إلى التغيير.
     ‌ب.  أن يقيم المخطط الاستراتيجي مدى الحاجة إلى إحداث تغيير شامل أو تغيير جزئي في المنظمة.
      ‌ج.   أن يحدد المخطط الاستراتيجي نوع التغيير الذي يريد إحداثه أو التعامل معه، وهل هو تغيير مادي أم تغيير معنوي. حيث إن التغيير المادي تغيير تقني أو إجرائي تنظيمي بينما التغيير المعنوي هو التغيير السلوكي والنفسي للموظفين. ويجب أن يوازن بين هذين التغيرين بحيث أن لا يطغى أي منهما على الآخر.
3.    مراحل عملية التغيير وإدارته:
المرحلة الأولى: الدراسة التشخيصيةتبدأ هذه الدراسة بمراجعة العناصر الأساسية للعمل في المنظمة لاكتشاف فرص التطوير. وهذه العناصر هي الإنسان ونظم وإجراءات العمل، ومعدات وتسهيلات العمل، وقد يحتاج المخطط عند تشخيص المشكلة إلى أخذ رأي العاملين حول أسباب المشكلة والحلول الممكنة لها.
المرحلة الثانية: وضع خطة التغيير والتطوير: بعد اكتشاف فرص التغيير التي تنتج عن الدراسة التشخيصية يتم وضع خطة التغيير في ضوء الأهداف والإمكانيات المتاحة.
المرحلة الثالثة: التهيئة لقبول التغييرأن من أهم ما يواجه المخطط الاستراتيجي عند إجراء التغيير، يتمثل في المقاومة التي تجابه التغيير، ولذلك فإن على المخطط الاستراتيجي عند وضع خطة التغيير أن يضمنها خطة لتهيئة العاملين لقبول التغيير، وذلك تفادياً لحدوث أي مقاومة أو رفض لهذه العملية وبالتالي الفشل في تحقيق أهداف التغيير.

المرحلة الرابعة: بدء تنفيذ عملية التغيير: بعد تهيئة البيئة والمناخ التنظيمي لإحداث التغيير يتم البدء فوراً بعملية التغيير دون تأخر مع ضرورة أن يشارك الجميع في تنفيذ عملية التغيير بشكل مباشر أو غير مباشر وبالعمل أو بالرأي لضمان نجاح عملية التغيير.
المرحلة الخامسة: المتابعة التصحيحية: إن على المخطط الاستراتيجي أو المدير متابعة التغيير للتأكد من أنها تسير في إطارها الصحيح، وللتعرف على مستوى التقدم نحو تحقيق أهداف، وضبط الانحرافات والأخطاء قبل استفحالها ومن ثم اتخاذ الإجراءات التصحيحية لعلاجها، ومن المشاكل التي قد تظهر أثناء المتابعة التصحيحية وجود بعض مظاهر مقاومة التغيير، وهكذا يأتي دور الراقب الاسرتاتيجي في معالجة تلك المقاومة مما يفرض عليه أولاً معرفة الأسباب التي أدت إلى مقاومة التغيير، ومن ثم إيجاد الحلول المناسبة.
التخطيط الاستراتيجي ومعالجة آثار التغيير : إن التسلط الإداري من أبرز معوقات نجاح المؤسسة، بل قد يكون المعول الأول في هدم أي بناءٍ مؤسسي والباعث الرئيس للتدمير الذاتي لكيانها ، وأخطر نواتجه اغتيال العقل والنفس والتى تمثل سلامتهما أهم أركان الإبداع والتطور  والتحديث. 
مقاومة التغيير: التغيير كلمة مخيفة عند البعض، لا يكاد يسمعها حتى يتمترس خلف موقف مبدئي منها، فالتغيير يعني عندهم بداية مشكلات كبيرة كتكتل أصحاب المصلحة من إستمرار الأوضاع الحالية كما هي لأنها تخدم مصالحهم الذاتية الضيقة، وبالتالي نشؤء نوع من المقاومة التي تتصف بالشراسة أحياناً مما يعني تعطيل حركة الانتاج والعمل لبعض الوقت ريثما يعتاد الجميع على المتستجدات الناشئة عن التغيير، الا أن البقاء على أوضاع غير قادرة على تحقيق أهداف المؤسسة نحو الريادة والتطوير والتحسين المستمر، تعني كتابة شهادة وفاة مبكرة يقودنا الى حل المؤسسة أو الشركة وإنهيارها، فكم من مؤسساتنا المحلية تقادمة حتى فاتتها قطارات الحضارة والحداثة فمنها من قضى نحبة ومنها من ينتظر وهو في حالة موت سريري بحاجة لموت رحيم واعلان لوفاة . رواد التطوير ينظرون الى التغيير كمفردة سحرية تحقق لهم إمكانية التخلص من الأفكار والأساليب القديمة البالية، بما في ذلك فرق العمل القديمة، لينطلقوا بالهام نحو تجديد الدماء وتبنى الافكار الابداعية المتمردة على الواقع المخل بشروط النهضة . مع الوضع في الاعتبار كل الخطوات الضرورية لتثبيت التغييرات بالتدرج المناسب ودمجها ضمن النظام الاداري المتبع ولاتاحة فرصة للعاملين لتدرب عليها وإكتشاف ميزاتها بأنفسهم عبر ممارسة رشيدة وفي جو من التحفيز المستمر . هنا نخلص لأن التغيير الاستراتجي يساعد المنظمات الى إحداث تطورات وتغيرات هائلة عبر مخطط زمني مرن لا يضغط على العاملين وبالتالي يجعل من التغيير عملية مقبولة يساهم فيها الجميع .

التعامل مع الاقتصاد المتقلب

الاقتصاد من أهم مؤثرات الحياة على معاش الناس وقدرتهم على تلبية الاحتياجات الاساسية من مأكل ومسكن وعلاج وتعليم وغير
ذلك من التطلبات التي لا بد منها لاستقامة الحياة، في الظروف الاقتصادية الصعبة يتحتم علينا إدارة الموراد الشحيحة بصورة واعية فالموارد التي تقل الي حد الكفاف يؤدي الى تخلي الاسر عن الكثير مما تعودت عليه ويبدل نمط الحياة الى نمط جديد يتناسب مع زيادة الاسعار والتضخم وضعف العملة المحلية وقلة الانتاج وبالتالي توقع استمرار الحالة الاقتصادية الى أمد غير معلوم .
من المؤكد أن الاقتصار على الاساسيات سيكون الحل الأمثل والاسهل لتعامل الافراد مع هذه الوضعية وتقليل الانفاق والصرف ومحاولة تسييل بعض الأصول الثابتة لمصلحة الاستثمارات قصيرة المدى في مجالات مثل العقارات (الايجار) أو السلع الاستهلاكية أو الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم وهي خدمات غير مرنة لا يستغنى عنها إلا في حالات الإضطرار النادر .
هذا اضافة لتعديلات نمط الحياة مثل التحول الى الانتاج المنزلي لبعض المنتجات مثل الالبان والاجبان والخضر والخبز .
أما الدول تملك أن تعالج الازمة من خلال الحرص على زيادة كفاءة القطاعات الاقتصادية والانتاجية (وخفض سعر الفائدة) والتوسع في الانتاج الموجهة للتصدير وفتح اسواق جديدة للسلع ذات الميزة التنافسية العالية، هذا إضافة الى اعلان وتنفيذ خطة للتغشف الحكومي ،وقد تلجأ الي المزيد من الخصخصة ومعالجة الفائض في العمالة وتقليص الموازنات الدفاعية وتحويلها للقطاع المنتج مع تقديم إمتيازات وإعفاءات لقطاعات الانتاج الزراعي والصناعي وتقديم لحوافز لها لتقليل كلفة العمل .