بناء الصور لم يكن سهلا في الماضي ولن يكون سهلا في
المستقبل، ولذلك فإن السؤال الأول الذي يجب أن يجيب
عنه ممارسو العلاقات العامة هو،
ما الصورة الحالية للمؤسسة؟ وكيف ينظر إليها المساهمون أو المتعاملون معها؟ ولن
يتمكن هؤلاء الممارسون من الإجابة الصحيحة والدقيقة دون إجراء البحوث والدراسات
العلمية.
ففي الوقت الذي يرانا فيه الآخرون من المهم رؤية
أنفسنا، يجب أن يكون الاتصال أو العلاقات العامة في المؤسسة الخيرية قادرا على تقييم
الإدارة وقادرا على إخبار قادتها بالمشكلات التي تواجههم، وإذا لم يكن قادرا على
الإخبار بهذا، فعليه أن يطلب استشارة خارجية.
إن معرفة النفس هي أهم المعارف، إذ بها تعرف الأشياء
الأخرى، وكلما توسع الإنسان في معرفة نفسه وتعمق فيها، اتسع علمه بما حوله وتمكن
من إدراك الحقائق كما هي، ومن لم يعرف نفسه حق المعرفة فسوف يعيش أوهاماً يظنها
حقائق، فيقيمها تقييماً أعلى من مستواها.
فقد
ترغب إحدى المؤسسات أن ينظر إليها موظفوها على أنها "مهتمة بهم"، ولكن
عندما "تقوم الصورة" تكتشف أن الموظفين لم يشعروا بهذا الاهتمام، وربما
سعت مؤسسة أخرى للظهور أمام المتبرعين على أنها "سريعة الوصول والاستجابة"
إليهم، لكن تقييم الصورة قد يظهرها بشكل مختلف؛ بسبب بعض الإجراءات الإدارية، التي
لم تأخذها الإدارة بجدية.
إن
الإدارة المتعقلة "الحذرة" قد تسجل بعض الانطباعات المباشرة، وتتخذ
محاولات فورية لتكون في الوضع الصحيح، وهذا سيحسن العلاقة للأفضل بين الموظفين والإدارة،
ويحسن الكفاءة في بعض المستويات المختلفة.
قبل
الاتصال بالجمهور الداخلي يجب التعرف على الأشياء التي يفكر فيها هؤلاء بشأن
المؤسسة؛ فقد يكون هناك استياء واسع الانتشار بين موظفي المؤسسة، فإذا نسبت
الإدارة هذا الاستياء إلى الأجور، فربما سعت إلى معالجة هذا الاستياء من خلال زيادة
الأجور، ولكن هذه الزيادة يمكن أن ترفع تكاليف المؤسسة دون أن يكون لها أثر إيجابي
في حل المشكلة؛ لأن المشكلة ربما تعود إلى عوامل أخرى مثل الشعور بعدم الإنصاف من
قبل صانعي القرار في المؤسسة، أو قلة الوعي بالعمل المستهدف، وتصورات الأعضاء
الخاصة حول منظمتهم يمكن أن تكون دليلاً مهما للأعمال التي يجب القيام بها في ذلك
الاتصال.
بعد تحديد الصورة
الحالية بشكل واضح، من خلال التقييم الواقعي، يمكن أن نتصور الصورة المطلوبة، على
أن نعيد تقييم تأثير أدوات الاتصال؛ بحيث نستبدل وسائل الاتصال التقليدية بوسائل
أكثر تطوراً وأكثر تعرضاً من قبل الجمهور المستهدف، وخاصة تلك الوسائل التفاعلية
مثل الإنترنت (لجمهور محدد).
وعلى الرغم من أهمية وسائل الاتصال الحديثة إلا أن
أثرها محدود، إن لم تصبح المؤسسة "مستمعة"، قادرة على تفهم الرأي العام
والتفاعل معه والرد عليه، وإن لم يتمتع موظفو العلاقات العامة بالشجاعة والأمانة والقدرة
على تمييز التخيلات والظنون من القضايا الرئيسة.
يؤكد خبراء الإدارة
على أن الذي ينظر إلى المستقبل سيصرف أموالا أكثر للحصول على المعلومات من داخل
المؤسسة وخارجها، والمنظمات الناجحة هي المنظمات "المستمعة" التي تغير
تصوراتها عن الجمهور، و تحاول في الوقت نفسه إدارة أصول الإدراك الحسي والمعاني "الصورة"
عند الناس، والهدف الرئيس للصورة هو "التميز" في كل شيء على المؤسسات
المشابهة الأخرى.