الأربعاء، 25 أبريل 2018

التحسين والتطوير في مجال التدريب


مقدمة :
        التدريب من أهم أدوات تطوير وتحسين الأفراد والمؤسسات، وعملية تطويره المستمرة مرتبطة بالتطورات المتلاحقة في المجالات العلمية والعملية والادائية والتكنولوجية، لذا ستتناول هذه الورقة تقديم رؤية تطويرية بإسم : التحسين والتطوير في مجال التدريب، وذلك بطرح لمحطات عن الوضع الراهن للتدريب بالسودان وطريقة التعامل معه من حيث الممراسة وتقديم رؤية لتحسينه وتطوير. هذه الورقة إعتمدت على خبرة ومعايشة كاتبها للتدريب لقرابة العقدين من الزمان .
التدريب على أساس الحوجة التدريبية :
          عن ملاحظتنا للممارسة العملية لواقع التدريب نلحظ افتقار الممارسة لعدد من المعايير التي
تؤثر بصورة أو بأخرى على التدريب كعملية وعلى نظرة القائمين به والمستهدفين كذلك، فعلى ماذا نبني التدريب عندنا؟  لنبدأ بالحوجة التدريبية التي تمثل رأس الرمح في سبرنا لغور هذا المجال والولوج إليه.
 الحوجة التدريب للأفراد هي الفرق بين القدرات الحالية والمستوى المستهدف الوصول اليه، بتعبير أخر هي النقص في البناء المعرفي والقدرات المهارية والاتجاهات الذهنية والسلوكية التي تجعلهم قادرين على القيام بأداء الأعمال بمستويات وطرق معينة، وهي كذلك الحوجة المترتبة على تطويرهم لمستويات افضل أو لمواكبة التطورات العلمية والتقنية. هذا المفهوم يقودنا الى البحث عن الطرق الكفيلة بسد هذه الفجوة ومعالجة هذا النقص ببناء أهداف وتصميم وأنشطة لتحقق هذه الأهداف التي يجب أن نصمم لها أدوات قياس مناسبة تُنبئنا بمدى قربنا من هدفنا لتنفيذ تدريب يتسم بالقدرة على صقل القدرة نحو أفاق من التميز.
          الاحتياجات التدريبية – اي كان سببها – هي الاساس لبناء أهداف التدريب وتنفيذه، بل هي العنصر الأقوى لقياس النتائج المترتبة عليه .
من المعلوم أن التدريب يُعنى بتحسين وتطوير مستويات الأفراد الحالية وفق الحوجة التي يتضمن قياسها ضرورة معرفة مستوياتهم الحالية بدقة لضمان دقة ما نصل اليه من تحليل للكفايات المطلوبة في المعارف والمهارات والإتجاهات والقيم وبالتالي تتوزع الاحتياجات ضمن هذه الأطر.
مستويات التدريب ومستويات الحوجة التدريبية :
التدريب الذي نمارسه في معظم مؤسساتنا يتعامل مع الحوجة على مستوى يتمثل في رغبات العاملين عند الاعتماد على توزيع نماذج (تحديد الحوجة التدريبية) عليهم وبالتالي يتم الحصول على رغبات أكثر منها حوجة تدريبية حقيقية، واذا قمنا بالاعتماد على مثل هذه الاجراءات سيتم توجيه الانشة التدريبية لخدمة رغبات لا تتصل باهداف العمل ، لذا الوضع الامثل يتطلب التعامل مع الاحتياجات على عدة مستويات:
-         الاحتياج حسب احتياجات المجال (مجال العمل)
-         الاحتياج حسب إستراتيجية المؤسسة (وأهدافها)
-         الاحتياج لمعالجة فجوة الأداء .
-         الاحتياج حسب السمات الشخصية للمستهدفين (العاملين).
وبالتالي نتمكن من الحصول على مستويات متعددة للإحتياجات التدريبية والتي تصبح أكثر صدقاً من أدائه على مستوي واحد.
كما أن الاحتياج الذي نتوصل اليه يتدرج الي مستويات متعددة حسب الوضع الوظيفي والمهني والمهمة التي يشغلها العامل المراد تدريبه، فالعاملين على المستويات (القيادية) أو (الإشرافية) أو (التشغيلية) لديهم متطلبات معرفية ومهارية وسلوكية وقيمية مختلفة . ففي مجال ((الإشراف الاداري)) كل مستوى يشرف على المستوى الأدنى من منظور مختلف عن منظور المستوى الاخر، وذلك لأختلاف المهام التي يؤديها كلٍ مستوي .
هنا نحتاج لتطوير ممارستنا وتحسين خطواتها، مع التأكيد من ضرورة شمول عملية المسح لكل العاملين من أعلى الهرم الوظيفي الى أدناه . كما نلحظ أن بعض المؤسسات تستثنى من تدريبها بعض الفئات لسبب أو لأخر :
-         العمال أدنى الهرم الوظيفي (عمال الخدمات – السركي – الفراشين - السائقين)
-         العاملين (تحت التدريب) .
-         منسوبي الخدمة الوطنية .
-         العاملين بصورة مؤقتة أو دائمة والمنتسبين لجهات خارجية (مثال: الخدمات الأمنية)
من المؤكد أن هذه الفئات تؤثر على مجمل عملية الأداء، خاصة وأن بعضهم يؤدي مهام كتابية وإدارية غاية في الأهمية والتأثير وعدم ضمهم الى السجل التدريبي العام للمؤسسة يهدد خطتنا التدريبية التي تهدف في الاساس لتحسين مجمل الأداء المؤسسي .
كما أن التدريب الخارجي - غالباً – ينحصر في فئة محددة ومجموعة قد تتكرر مشاركاتها الخارجية بصورة سنوية ودورية منظمة ، هذا فضلاً عن أن التدريب الخارجي يتم بضمانات جودة متدنية، قد تتقاصر عن منافسة التدريب الداخلي إذا ما أحسن قياس العائد من التدريب وتم تطبيق عادل لمعايير الجودة .

التدريب على أساس التطوير :
          التدريب الذي يهدف الى التطوير يجب أن يكون تدريب متطور بحث يراعي المعايير الأعلى في مجال قياس جودة عناصر عملية التدريب ( المادة التدريبية المقدمة – البيئة التدريبية التي يقدم ضمنها التدريب – تعزيز رغبات المتدربين للإنخراط في التدريب – إداء المدربين من حيث:  الاسلوب، التأهيل العلمي والمعرفي، القدرة على التواصل الفعال، المهارة في ادارة التدريب) .
          السعي المخطط لتطوير التدريب يحتاج للمرور بعدة محطات مهمة :
1.    رفع مستوى الاهتمام بالتدريب من قبل الادارات العليا للمؤسسات .
2.    منح ادارات التدريب وضعية أفضل ضمن منظومة الهيكل الاداري للمؤسسات.
3.    توفير موازنات مناسبة لتنفيذ كل المناشط التدريبية المخططة (ولضمان أعلى مستويات الجودة)
4.    توظيف كوادر متخصصة (مدربة) بمستوى عالي من الكفايات والجدارات الفنية .
5.    السعي لإستقرار الكوادر المتميزة في عمليات التدريب .
6.    إعداد سجل تدريبي  باسلوب محترف وشامل .
7.    بناء اهداف التدريب على إحتياجات تدريبية حقيقية .
8.    ضبط عطاءات التدريب وتطوير قدرات المنفذين لها .
9.    تطوير دور الجهات المشرفة على التدريب وتوسيع دائرة تمكينها من مهمة توجيه عملية تطوير قدرات الموارد البشرية.
10.  اعتماد تصنيفات للمدربين (وعدم الاكتفاء بالشهادات الخارجية فقط)
11.  تسجيل وإعتماد المواد التدريبية والمناهج العلمية لها ضمن لجان علمية موثوقة.
12.  ضبط استقدام المدربين الأجانب.
13.  اعتماد نظام قياس للعائد من التدريب وقياس الإستثمار فيه وقياس أثر التدريب على المؤسسات والاداء .
14.  إدخال خدمات الإستشارات التدريبية ضمن أنشطة المراكز وخبراء التدريب والاستعانة ببيوت خبرة عند ادارة أو تصميم التدريب .
التدريب وإدارة المعرفة  :
                   التطوير يقتضي التفكير بالاخذ بالاتجاهات الحديثة في مجال التدريب والتطوير والتي أنشأت مفاهيم جديدة مثل : مفهوم إدارة المعرفة والتي يقصد بها قدرة المؤسسة على إدارة وإستثمار ونشر المعرفة ، وهي كذلك القدرة على الإستفادة المخططة من المورد البشري في الحصول على وتطوير وتعزيز ثقافة المؤسسة عبر التطوير المستمر لأفرادها وتكوين رؤية خاصة بهم لرفع قدرات الكوادر العاملة.
                   المؤسسات لديها العديد من الخبراء الذين لو أحسن تحفيزهم وتوجيههم لتقديم خدمة التبادل المعرفي الداخلي لإستغنت المؤسسة في بعض الجوانب العملية المهمة عن طلب الخدمة من خارجها‘ لتمكنت من تقديم تدريب عملي ومتخصص ومباشر لمنتسبيها عن طريق الزملاء والاقران الأفضل معرفة ومستوى .
                   إن إهمال المبدعين والمتمكنين من العاملين وعزلهم من عملية تطوير القدرات فيه خسارة كبيرة للمؤسسة لإسهامات هذه الفئة ولإبداعاتهم، وحصرهم في أداء المهام التقليدية اليومية يمثل هدر لمورد عظيم لو أُحسن إستخدامه بفاعلية.
                   هذه العملية فعالة في تحسين مستويات تطوير القدرات داخل المؤسسة وتحافظ على المورد المالي المهدر في البحث عن مصادر خارجية للمعرفة، كما أن قيامها نفسه يمثل عملية في إتجاهين متمثله في عنصري العملية : (المتعلم – والمعلم)
                   إن عملية ادارة المعرفة تمدنا بمخرجات مبهرة تعزز
o      اتاحة زيادة المحتوى المعرفي في تطوير العمل .
o      تسهيل وإدارة الابتكار .
o      ترسيخ مبدأ التعلم المؤسسي التنظيمي .
o      الاستفادة من خبرات العاملين الاكثر كفاءة .
o      زيادة الاتصال الداخلي .
o      إدارة بيئة العمل بتمكين العاملين من الحصول على رؤى متجددة لتطوير عملهم.
o      المساهمة في حل مشكلات العمل من واقع الممارسة العملية المنتظمة.
o      حسن إدارة رأس المال الفكري والأصول الفكرية لقوة العاملة .
o      ضمان تجهيز قيادات الصفوف بصورة منتظمة.
ما بعد التحسين والتطوير في مجال التدريب :
                  إن الجهود المبذولة في مجال تطوير التدريب يجب ألا تصطدم برؤية متعارضة لا تؤمن بالتدريب ولا تتبناه، وهو إتجاه ماثل، يمكن محاصرته بالممارسات الجيدة، ذات الكفاءة العالية والجودة والتي نطبق ضمنها معايير جودة التدريب المتعارف عليها عالمياً، عوضاً عن تشكيل نموذج سوداني يتسم بالحداثة والمواكبة ومتلائم مع المتطلبات الداخلية للبيئة السودانية.
                  إن الاستنساخ لنماذج أخرى من بيئات عملية غير متطابقة مع الوضع الداخلي ستنتج لنا نموذج شائه لا يحقق ما نصبو اليه من تطور في هذا المجال خاصة مع وجود عوامل عديدة مساعدة أهمها وجود مؤسسات رسمية تتبع للقطاع العام وأخرى – كثيرة – تنتمى للقطاع الخاص وعدد مقدر من العاملين والمهتمين بهذا القطاع الحيوي، ويتعزز كل ذلك بالالتزام والتحسين المستمر للممارسة .
الخرطوم نوفمبر2016م   MUSTAFAHAMED50@YAHOO.COM

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق